أسباب حدوث الزلازل

تُعد الزلازل من أكثر الظواهر الطبيعية قوة وتأثيراً على سطح الأرض، فهي تحدث بسبب تحركات مفاجئة في طبقات الأرض وتنتج عنها اهتزازات قد تؤدي إلى دمار واسع في المناطق المتأثرة. لفهم أسباب حدوث الزلازل بشكل دقيق، يجب التعمق في طبيعة بنية الأرض، القوى المؤثرة عليها، والعوامل الجيولوجية التي تلعب دوراً محورياً في نشوء هذه الظاهرة.

التركيب الداخلي للأرض وعلاقته بالزلازل

الأرض مكونة من عدة طبقات، تبدأ بالقشرة الأرضية التي تشكل سطح الأرض، وتحتها طبقة الوشاح، ثم النواة الداخلية والخارجية. القشرة الأرضية ليست صلبة بالكامل أو متصلة بشكل مستمر، بل مقسمة إلى عدة أجزاء ضخمة تسمى الصفائح التكتونية. هذه الصفائح تتحرك فوق طبقة الوشاح شبه المنصهرة، وهذه الحركة هي السبب الأساسي وراء الزلازل.

حركة الصفائح التكتونية تكون بطيئة ومستدامة، لكن في بعض الأحيان تتراكم الضغوط والتوترات بين هذه الصفائح، وعندما تتجاوز هذه التوترات قدرة الصخور على التحمل، يحدث كسر مفاجئ أو انزلاق في أحد الفوالق، مما يؤدي إلى تحرير الطاقة بشكل هائل على هيئة موجات زلزالية.

الأسباب الأساسية للزلازل

1. حركة الصفائح التكتونية

تُعتبر حركة الصفائح التكتونية السبب الرئيسي لحدوث معظم الزلازل في العالم. تنقسم هذه الحركات إلى عدة أنواع بحسب طبيعة التفاعل بين الصفائح:

• الانصهار (Divergent boundaries): عندما تتحرك الصفائح بعيداً عن بعضها البعض، مما يؤدي إلى تكون صدوع أو تشققات في القشرة الأرضية. غالباً ما تحدث زلازل ضعيفة في هذه المناطق.

• الاقتراب أو الاصطدام (Convergent boundaries): حيث تقترب الصفائح من بعضها وتتصادم، مما يؤدي إلى اندساس صفيحة تحت الأخرى. هذا النوع من التفاعل يُسبب زلازل شديدة، وأحياناً ينجم عنه تكون جبال وبراكين.

• الانزلاق الجانبي (Transform boundaries): حيث تنزلق الصفائح أفقياً بجانب بعضها البعض، وهذه الحركة قد تُحدث زلازل قوية جداً بسبب الاحتكاك والتوتر الناتج.

2. النشاط البركاني

النشاط البركاني قد يؤدي أيضاً إلى حدوث زلازل، وهذه الزلازل عادة ما تكون مرتبطة بتحركات الماغما تحت سطح الأرض. عند دفع الماغما للصخور المحيطة بها، تحدث تشققات واضطرابات تؤدي إلى اهتزازات أرضية.

3. النشاط البشري

في العصر الحديث، أصبح للنشاط البشري دور في حدوث زلازل تسمى “الزلازل المنشأة”. من أمثلة ذلك:

• التفجيرات النووية أو الصناعية: حيث تُحدث تفجيرات قوية اهتزازات أرضية قد تشبه الزلازل.

• حفر الأنفاق والتعدين: عمليات التعدين العميقة قد تؤدي إلى اضطرابات في طبقات الأرض.

• ملء الخزانات الصناعية: بناء السدود وملء الخزانات الكبيرة بالماء يؤدي إلى زيادة الضغط على الطبقات الأرضية، مما قد يسبب زلازل صغيرة أو متوسطة.

• حقن أو استخراج السوائل تحت الأرض: مثل حقن السوائل في آبار النفط أو الغاز، التي قد تؤدي إلى زلازل صغيرة.

4. انهيارات الصخور أو الانزلاقات الأرضية

في بعض المناطق الجبلية أو ذات التضاريس الوعرة، يمكن لانهيارات الصخور أو الانزلاقات الأرضية أن تسبب اهتزازات تشبه الزلازل. هذه الظاهرة غالباً ما تكون محدودة التأثير، لكنها تمثل جزءاً من أسباب حدوث الزلازل.

العلاقة بين الفوالق الزلزالية والزلازل

الفوالق هي الشقوق أو الكسور في القشرة الأرضية حيث تتحرك الكتل الأرضية بالنسبة لبعضها البعض. هناك عدة أنواع من الفوالق حسب طبيعة الحركة:

• فوالق الانزلاق الجانبي: حيث تنزلق الكتل الأرضية أفقياً.

• فوالق الانحدار: حيث تتحرك إحدى الكتل إلى أسفل بالنسبة للأخرى.

• فوالق الصعود: حيث تتحرك إحدى الكتل إلى أعلى.

عندما يحدث انزلاق مفاجئ أو حركة مفاجئة على هذه الفوالق، تُحرر طاقة كبيرة تسبب الاهتزازات الزلزالية التي نشعر بها على سطح الأرض. المنطقة المحيطة بهذه الفوالق تكون هي مركز الزلزال أو “بؤرته”، أما نقطة السطح التي تقع فوق البؤرة فتسمى “المركز السطحي”.

العوامل الجيولوجية التي تؤثر في حدوث الزلازل

هناك عدة عوامل جيولوجية تزيد من احتمالية حدوث الزلازل في منطقة معينة، منها:

• نوع الصخور: الصخور الهشة أو التي تحتوي على تشققات تكون أكثر عرضة للانهيار عند تراكم الضغط.

• عمق البؤرة الزلزالية: الزلازل السطحية تكون عادة أكثر قوة وتأثيراً على الإنسان مقارنة بالزلازل العميقة.

• الضغط والتوتر في الطبقات الأرضية: تراكم الضغوط بشكل مستمر يؤدي إلى كسر الصخور وحدوث الزلازل.

• درجة حرارة الأرض: تؤثر الحرارة على ليونة الصخور وقدرتها على التحمل قبل الانكسار.

الزلازل النابعة من أسباب أخرى طبيعية

إضافة إلى الحركة التكتونية، هناك أسباب طبيعية أخرى قد تؤدي إلى حدوث زلازل ومنها:

• الانهيارات الثلجية الكبيرة أو تساقط كتل ضخمة من الجليد في المناطق القطبية أو الجبلية.

• تأثير المد والجزر في المناطق القريبة من السواحل، حيث يمكن أن يؤدي التغير في الضغط على قشرة الأرض إلى حدوث اهتزازات بسيطة.

الجدول التالي يوضح أهم أنواع أسباب الزلازل وتأثيرها:

الخلاصة

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الزلازل، ولكن العامل الأساسي الذي يربط معظمها هو تغيرات مفاجئة في حالة التوازن داخل القشرة الأرضية، سواء بسبب حركة الصفائح التكتونية أو النشاط البركاني أو حتى التدخل البشري. الزلازل ظاهرة طبيعية معقدة تعكس الديناميكية المستمرة للكوكب الذي نعيش عليه، وهي تبرز العلاقة الوثيقة بين البنية الجيولوجية للأرض والطاقات الكامنة فيها. فهم هذه الأسباب يساعد في التنبؤ بالزلازل وتقليل الأضرار التي قد تحدثها من خلال التخطيط السليم واتخاذ إجراءات الوقاية المناسبة.

المصادر والمراجع:

1. Stein, S., & Wysession, M. (2003). An Introduction to Seismology, Earthquakes, and Earth Structure. Wiley-Blackwell.

2. USGS (United States Geological Survey). Earthquake Hazards Program. https://earthquake.usgs.gov/